احياء ذكري محرقة علي ارض فلسطين
نظمت اسرائيل مؤخرا لقاءا استعراضيا ضخما في القدس بحضور ازيد من 41 دولة ممثلة علي اعلي المستويات للمشاركة في الذكري 75 لقتل الآلاف من اليهود من طرف النازيين فيما يعرف بالمحرقة النازيةالتي لقيت تنديدا عالمياعارما باعتبارهاجريمة بشعة مست حقوق مواطنين يهود ابرياء في الحياة، فلا يمكن بالتالي سوي التعبير بقوة عن التعاطف التام مع ضحايا هذا العمل الاجرامي البشع.
غير انه ليس من المفهوم سبب احياء هذه الذكري الاليمةعلي ارض فلسطين التي لم تكن مسرحا للجريمة، باعتبار انها ارتكبت باوروبا، بايادي اوروبية ،اذ لم يثبت تورط عربي واحدفي تنفيذها او المشاركة فيها، ولذلك كان من المفهوم ومن المسوغ ان يتم احياء الذكري،مثلما كان سابقا، في مكان ارتكاب الجريمة بمدينة ” اوشفيتز” البولندية، وليس بالقدس او مكان اخر في العالم.
لكن لاسرائيل رايا آخر ، راي مسموع، اذ قررت نقل احياءالذكري الي القدس، عن قصد ،لالهاء العالم وتحويل انظاره عن جرائمها اليومية التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني الاعزل، وتهويد المدينة ، وطمس معالمها الحضاريةالعربية الاسلامية والمسيحية،ومتابعة اشغال حفريات تحت المسجد الاقصي بدعوي محاولة العثور علي آثار الهيكل، في محاولة حقيقيةلهدم المسجد،دون اعتبار لحقوق الفلسطينيين، وامعانا في احتقار مشاعرالمسلمين ،واظهار تحدي سافر لمقررات الشرعية الدولية المتصلة بالقدس ، مغتنمة التواطؤ التام للادارةالامريكية الحالية ، ناهيك عن عمليات التوسع الاستيطاني في اراضي الضفة المهددة بانتزاع اراضي غور الاردن وضمها لاسرائيل الكبري بموافقة الادارة المذكورة المنغمسة في دعم كل المخططات الاسرائيلية.
ان اقتفاء اثر التاريخ الحديث المواكب لتاسيس اسرائيل يثبت ان المكان الذي اقيم فيه تخليد ذكري المحرقة كان والي عهد قريب عبارة عن اراضي فلسطينية تابعةلقرية “عين كارم”التي تم الاستيلاء عليها، بعد قتل سكانها من طرف عصابات اسرائيلية خلال حرب النكبة مما كان من الاجدر تخليد محرقة هؤلاء الابرياء ما دام ان ارضهم هي مسرح الجريمة، وما دام ان دماءهم لا يمكن ان تقل قيمة عن دماء الابرياء اليهود ب” اوشفيتز”.
هكذا يتاكد ان القصد من تخليد هذه الذكري علي ارض القدس المغتصبة، ومن استقطاب قل نظيره في الحياة السياسية الاسرائيلية ،هومحاولة اسرائيل ترسيخ خطتها المدبرة الهادفة الي تكريس سياسة الامر الواقع المفروض بالبطش والقتل والقوة العسكرية ، والحصول علي موافقة ومباركة دول ذات قوة وتاثير كبير في العالم علي هذا النهج ، بما يعني تاييد تام للخط اليميني الفاشي الحاكم الذي يمثله نتنياهو ، ودعم لاهدافه المعلنة في يهودية دولة اسرائيل، مما من شانه سلب فلسطيني 48 من جميع حقوقهم المدنية ، وتكريس “حق “اسرائيل في التوسع الاستيطاني في الاراضي الفلسطسنية المعتبرة من منظور القانون الدولي كاراضي محتلة لا يجوز بالتالي استباحتها، ومحو فكرة الدولة الفلسطينية من الوجود،ومن مقررات الامم المتحدة، مستغلة صمت عربي رهيب، لا يشقه سوي محاولات فاشلة من طرف بعض الدول الخليجية الهادفة الي تحويل الانظار عن ممارسات اسرائيل التوسعية ، عبر اختلاق خطر ايراني .
وخلاصة القول انه لا يوجد هناك نفاق ازيد من المشاركة في احياء ذكري المحرقة النازية علي ارض فلسطينية ،، وقعت فيها ، ولا تزال ، وتحت انظار العالم، جرائم بشعة ارتكبت من طرف عصابات اسرائيلية لسلب شعبها اراضيه وحقوقه،،ويئن شعبها من ويلات احتلال وقتل وذبح ،، وهي جرائم لا تقل جسامة وخطورة لما حصل لليهود خلال المذبحة.. مما حاصله ان التضامن مع هؤلاء الضحايا،، جميعا ،، يجب ان يرتكز علي موجبات انسانية حقيقية بدلا من حسابات الربح والخسارة ، والجدوي المالية، آلتي ستتغير ان عاجلا او آجلا لفائدة الشعب الفلسطيني العظيم… وعندئذ،، فقط،، سيكون لتخليد ذكري المحرقة بالقدس السليبة ،، معني انساني نبيل،،
← الرجوع إلى جميع المقالات